لماذا لا يتميز الأردن ويصبح بلد الجامعيين؟
طالعت على صفحات “الدستور” قبل اسابيع مقالا لطيفا كتبه الدكتور كايد عبدالحق في زاوية “الباب المفتوح” مفاده ان جامعة نيويورك الحكومية في اميركا احتفلت هذا العام، وقد غمرتها الفرحة والعزة بتخريج العدد رقم (مليون) من خريجيها الجامعيين.
فتبادر الى الذهن سؤال لماذا لا يتميز الاردن ويصبح بلد الجامعيين .
فاحصائيات منظمة التربية والعلوم والثقافة الدولية (اليونيسكو) تشير الى ان الاردن هو ثالث دولة في العالم، من حيث عدد الذين يدرسون ويتلقون العلم في المدارس والمعاهد والجامعات، نسبة الى عدد السكان، اذ تمثل هذه النسبة حوالي ٣٣% من عدد سكان الاردن.
والذي يجعل هذه الميزة حقيقية، هو دور الدولة الرئيس في هذا المجال، حيث فتحت المزيد من المدارس، والمزيد من الجامعات والمعاهد والكليات.
وتجدر الاشارة هنا الى ان قرارات الحكومة في اوائل الستينات القاضية بعدم ترفيع اي موظف في الدولة من الصنف الثاني الى الصنف الاول مالم يكن جامعيا.
وكما ساهمت الدولة في هذا المجال، كذلك ساهم القطاع الخاص الذي لعب دورا هاما في اتاحة الفرص لابناء هذا البلد في التعليم بمختلف المراحل من الحضانة والروضة الى التعليم الجامعي المتوسط .
كما لعبت مكاتب الخدمات الجامعية المرخصة من قبل الجهات المختصة دورها البارز خلال ربع قرن من الزمن في تأمين الدراسة الجامعية لآلاف الطلبة الاردنيين في مختلف ارجاء العالم.
وقد ورد في وثقية (( المؤتمر الدولي للتبادل والتعاون الثقافي العالمي العشرين )) الذي عقد في جامعة (هل) البريطانية بقاعة فرينزهول، خلال الفترة ١٣–١٥ ايلول عام ١٩٨٥ ، ان مؤسسة مجدلاوي للشؤون الجامعية قد اسهمت في تخريج حوالي عشرين الف طالب جامعي من الاردنيين.
كل هذه الجهود اعطت الميزة العالمية للاردن وهي مثبتة في وثائق واحصائيات منظمة اليونيسكو.
والسؤال الذي يطرح نفسه اليوم في مجتمعنا الاردني: لماذا كانت حملة محو الامية في الاردن؟ ولماذا تفتح وزارة التربية والتعليم ابوابها لابناء هذا البلد الذين انهو الاعدادية ولم يواصلوا دراستهم لتحصيل الثانوية العامة؟
اوليس الهدف هو تعليم الذين فاتتهم فرص التعليم؟ اوليس الهدف كذلك تحقيق ما قاله رسولنا العظيم محمد (صلى الله عليه وسلم) (( من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا الى الجنة )) .. وقوله ( صلى الله عليه وسلم) (( ان ساعة علم خير من الف ساعة عبادة وطلب العلم فريضة على كل مسلم )) .
وسؤال آخر يطرح نفسه اليوم ايضا في ضوء قرارات التعليم العالي التي لا نشك اطلاقا في اهدافها الاجابية، لماذا يتوقف تحصيل الطالب الاردني، وخاصة المغترب، عند الثانوية العامة اذا كانت الفرص تسنح له بمواصلة تعليمه الجامعي في نفس الوقت الذي يشغل فيه وظيفة عامة أو خاصة في الاردن او خارجه ؟
لقد خطت الدول العظمى والمتقدمة، كاميركا وبريطانيا واستراليا واليابان وغيرها، خطوات ثورية في تغيير مفهوم واسلوب التعليم الاكاديمي بعد مرحلة الثانوية العامة، وشجعت الناس في الوظيفة العامة، وفي المصنع، وفي الشركة، وفي اي موقع عمل، على ان يواصل كل مواطن تحصيله الجامعي ورفع مستواه الاجتماعي عن طريق التعليم العالي في الجامعات المفتوحة، او عن طريق الانتساب للجامعات والكليات والمعاهد العليا التي تتبع نظام الدراسة الحرة، لا سيما في الكليات النظرية، كالآداب والحقوق والتجارة.
والاسئلة العديدة التي تجول بخاطري وخواطر الكثيرين، طالما نرغب في المساهمة بتحقيق ميزة عالمية فريدة لشعب هذا البلد العزيز: لماذا لا يكون المزارع جامعيا وهو يعمل في حقله؟
ولماذا لا يكون العامل جامعيا؟
ولماذا لا يكون الاب في بيته جامعيا ؟
ولماذا لا تكون الام في بيتها جامعية ؟
وبالتالي لماذا لا يكون هذا الشعب كله جامعيا، بعد حقبة من الزمن، ويشار اليه دوليا بأن الاردن هو بلد الجامعيين؟
ليس من الضروري ان تلتزم الدولة بتوظيف الجامعيين، ولكن من الضروري ان يكون هذا الشعب على مستوى من التعليم والثقافة الجامعية العليا .
من ارشيف جريدة الدستور الاردنية العدد ٦٨٩٧ تاريخ ٣ /١١ /١٩٨٦